تعاني كل مؤسسات الدولة من مرض الروماتيزم لعدة أسباب منها عدم المرونة، الإنغلاق والتقوقع، التيبس الفكري، البيروقراطية. هذا الروماتيزم أدى لتأخر ردة فعل مؤسسات الدولة تجاه قضايا عدة في شتى المجالات مما أفقد المواطن الأمل في تطور الخدمات وتوفرها. والنتيجة النهائية هي فقدان المصداقية والجدية عند هذه المؤسسات فأصبحت الإنجازات مستحيلة وتضخمت نوعية الكوارث والأخطاء.
هذا تشخيص بسيط وسريع للمشكلة، وسأطرح هنا "نظرة علمية" في محاولة جادة للخروج من هذا المأزق الصعب عبر طرح منظومة معروفة لكيفية بناء حكومة عصرية وذكية تواكب المتغيرات وتستشرق المستقبل وتستعد لردة الفعل بكل جاهزية. هنا منظومة تحمل أربع خصائص مهمة وحساسة:
١-حكومة اجتماعية: بمقدورها التواصل والتفاعل مباشرة مع المواطن والمقيم والزائر والتاجر والمؤسسات بكل فاعلية عبر كل قنوات التواصل الإجتماعي والنت. هذا التواصل يجب أن يصاحبة سرعة في الإجابة وردة الفعل، فهذه العملية ذات إتجاهين الأول يصدر من المواطن بإتجاه الحكومة، والثاني من الحكومة نحو المواطن. أي أنه طريق "أخذ وعطاء" تُتَبادل فيه الآراء ويتم مشاركة الجمهور لإتخاذ القرار، وهنا فقط نجد أن المشاركة هي الحل الأمثل لتخفيف المعارضة والنقد لأنه في ذلك الحين سيعمل المواطن كل ما وسعه لإنجاح ذلك المشروع كونه جزء من فريق العمل. فنجاح المشروع هو نجاح للمواطن وللحكومة وللوطن وبذلك تتشكل منظومة عمل فعالة وقوية لن يهزها أي قوى خارجية أو داخلية.
٢- حكومة حساسة: تستطيع أن تبني قواعد بيانات وطنية مستقلة تقوم بجمع كل معلومات "حقيقية" وبصورة علمية عن سلوكيات، إقتصاديات، إجتماعيات الشعب السعودي. هذا الكنز من المعلومات يتم تحليله عبر مجموعات من العلماء والإحصائيين للخروج بنتائج وتوصيات تساعد الحكومة في إتخاذ القرار لإيجاد الحلول والإستعداد للمجهول عبر التنبؤ بالمستقبل. وبذلك يكون للدولة "قرون إستشعار" ذكية تستطيع عبرها مراقبة كل مؤسساتها الخدمية والصحية والأمنية والتعليمية والتنموية للقيام بردة الفعل المناسبة في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.
٣- حكومة جوالة: ولديها القدرات على تقديم خدماتها بطريقة آمنة وسهلة عبر الأجهزة اللوحية والهواتف والحواسيب، لتوفر للمواطن المرونة ليتمكن من التواصل في أي وقت ٧/٢٤. فالمنصات الإلكترونية أصبحت متوفر وبجودة عالية وسعر مناسب، وهنا أستغرب عدم إستفادة مؤسسات الدولة من هذه الأداة.
٤- حكومة مطاطة: بمقدورها فهم الحاجة لإمتلاك طاقة حاسوبية كبيرة جدا لمواكبة إحتياجات المواطن والوطن، فعدد قواعد البيانات ومراكز التخزين يجب أن يكون في تصاعد للقدرة على التعامل مع سيل الخدمات الإلكترونية.
كل ما ذكرت لا يعني ولا يسوى شيئا لو لم نقم بوضع تواريخ معينة وثابتة لتحقيق هذا التحول المأمول، فما قام به محمد بن راشد حين أمهل المسؤولين في دبي لنهاية العام كي يتحولون إلى حكومة ذكية وإلا سيتم إعفاء المسؤول. هذا مثال ممتاز لما ذكرته لأهمية الجدية في تواريخ التسليم وإنهاء المشاريع، فالتتطويح والتلاعب والتساهل في هذه النقطة يدل على فشل الإدارة.
أتمنى لوطني كل الرقي والرفعة والسمو، فهذا الوطن فضله لا يعد ولا يحصى. فما نملكه من علم وثقافة وإطلاع لا يسوى شيئا لو لم نفيد هذا التراب الغالي...
Comments
Post a Comment