Skip to main content

كيف تتحول حكومة المملكة لحكومة ذكية... | بقلم: جميل كتبي



تعاني كل مؤسسات الدولة من مرض الروماتيزم لعدة أسباب منها عدم المرونة، الإنغلاق والتقوقع، التيبس الفكري، البيروقراطية. هذا الروماتيزم أدى لتأخر ردة فعل مؤسسات الدولة تجاه قضايا عدة في شتى المجالات مما أفقد المواطن الأمل في تطور الخدمات وتوفرها. والنتيجة النهائية هي فقدان المصداقية والجدية عند هذه المؤسسات فأصبحت الإنجازات مستحيلة وتضخمت نوعية الكوارث والأخطاء.

هذا تشخيص بسيط وسريع للمشكلة، وسأطرح هنا "نظرة علمية" في محاولة جادة للخروج من هذا المأزق الصعب عبر طرح منظومة معروفة لكيفية بناء حكومة عصرية وذكية تواكب المتغيرات وتستشرق المستقبل وتستعد لردة الفعل بكل جاهزية. هنا منظومة تحمل أربع خصائص مهمة وحساسة:
١-حكومة اجتماعية: بمقدورها التواصل والتفاعل مباشرة مع المواطن والمقيم والزائر والتاجر والمؤسسات بكل فاعلية عبر كل قنوات التواصل الإجتماعي والنت. هذا التواصل يجب أن يصاحبة سرعة في الإجابة وردة الفعل، فهذه العملية ذات إتجاهين الأول يصدر من المواطن بإتجاه الحكومة، والثاني من الحكومة نحو المواطن. أي أنه طريق "أخذ وعطاء" تُتَبادل فيه الآراء ويتم مشاركة الجمهور لإتخاذ القرار، وهنا فقط نجد أن المشاركة هي الحل الأمثل لتخفيف المعارضة والنقد لأنه في ذلك الحين سيعمل المواطن كل ما وسعه لإنجاح ذلك المشروع كونه جزء من فريق العمل. فنجاح المشروع هو نجاح للمواطن وللحكومة وللوطن وبذلك تتشكل منظومة عمل فعالة وقوية لن يهزها أي قوى خارجية أو داخلية.

٢- حكومة حساسة: تستطيع أن تبني قواعد بيانات وطنية مستقلة تقوم بجمع كل معلومات "حقيقية" وبصورة علمية عن سلوكيات، إقتصاديات، إجتماعيات الشعب السعودي. هذا الكنز من المعلومات يتم تحليله عبر مجموعات من العلماء والإحصائيين للخروج بنتائج وتوصيات تساعد الحكومة في إتخاذ القرار لإيجاد الحلول والإستعداد للمجهول عبر التنبؤ بالمستقبل. وبذلك يكون للدولة "قرون إستشعار" ذكية تستطيع عبرها مراقبة كل مؤسساتها الخدمية والصحية والأمنية والتعليمية والتنموية للقيام بردة الفعل المناسبة في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.

٣- حكومة جوالة: ولديها القدرات على تقديم خدماتها بطريقة آمنة وسهلة عبر الأجهزة اللوحية والهواتف والحواسيب، لتوفر للمواطن المرونة ليتمكن من التواصل في أي وقت ٧/٢٤. فالمنصات الإلكترونية أصبحت متوفر وبجودة عالية وسعر مناسب، وهنا أستغرب عدم إستفادة مؤسسات الدولة من هذه الأداة.

٤- حكومة مطاطة: بمقدورها فهم الحاجة لإمتلاك طاقة حاسوبية كبيرة جدا لمواكبة إحتياجات المواطن والوطن، فعدد قواعد البيانات ومراكز التخزين يجب أن يكون في تصاعد للقدرة على التعامل مع سيل الخدمات الإلكترونية.

كل ما ذكرت لا يعني ولا يسوى شيئا لو لم نقم بوضع تواريخ معينة وثابتة لتحقيق هذا التحول المأمول، فما قام به محمد بن راشد حين أمهل المسؤولين في دبي لنهاية العام كي يتحولون إلى حكومة ذكية وإلا سيتم إعفاء المسؤول. هذا مثال ممتاز لما ذكرته لأهمية الجدية في تواريخ التسليم وإنهاء المشاريع، فالتتطويح والتلاعب والتساهل في هذه النقطة يدل على فشل الإدارة.

أتمنى لوطني كل الرقي والرفعة والسمو، فهذا الوطن فضله لا يعد ولا يحصى. فما نملكه من علم وثقافة وإطلاع لا يسوى شيئا لو لم نفيد هذا التراب الغالي...

Comments

Popular posts from this blog

هل الأرض مركز الكون؟ | بقلم/ جميل كتبي

منذ قديم الأزل والإنسان ينظر للسماء ويسأل نفسه أسئلة كثيرة حول الوجود والفضاء والنجوم، حيث كان الإنسان البسيط يستهدي بالنجوم والقمر في ترحاله والشمس لمعرفة المواسم وحصد المحاصيل. كما كان أوائل البشر يعبدون الشمس لأنهم يعرفون أن حياتهم وغذائهم مرتبط بهذه الكرة المشتعلة، فأصبح الإنسان ماهرا في تتبع النجوم ورصدها ومعرفة الأبراج في السماء. تطور عقل البشر وتقدمت الحضارات وبدأت تتطور نوعية الأسئلة حول الكون والتي كان أهمها: هل الأرض مركز هذا الكون، أم أن الشمس هي المركز ونحن نطوف حولها؟. هنا تبدأ قصة الإجابة على هذا السؤال الكبير الذي كان السبب في تحول جذري في تفكيرنا وحياتنا وفهمنا للوجود. كانت الكنيسة في روما متمثلة ببابا الڤاتيكان هي الحاكمة والمؤثرة منذ ألفيّ عام بسبب نفوذهم الديني وسلطتهم العسكرية، وكانت هذه الكنيسة تؤمن بنظرية فلاسفة اليونانيين التي طرحوها في القرن ال٤ الميلادي والتي تؤكد أن الأرض هي مركز الكون. وأضيف على النظرية طابعاً بدينياً بقول الرومان أن الإنجيل مذكور فيه أن الله أصطفانا وإختارنا لنسكن هذه الأرض، ولأننا مركز إهتمام الرب وعنايته فلابد أن تكون الأرض في مركز ا...

جامعة الملك سعود وسيارة غزال

-نشر المقال بعكاظ٢٠-١-٢٠١١م- قرأت بفرح وسرور خبر توقيع جامعة الملك سعود اتفاقية التعاون المشترك مع الشركة الكورية لصناعة أول سيارة سعودية، حيث تطمح الجامعة لكسر حاجز الخوف من (بعبع) صناعة السيارات في السعودية والعالم العربي. هذه الخطوة في نظري سوف تكون علامة بارزة في تاريخ المملكة وتاريخ جامعة الملك سعود وتاريخ معالي الدكتور عبدالله العثمان خصيصا. ما أود طرحه في هذا المقال هو عدة آراء أو اقتراحات من وجهة نظر علمية بحتة دون الخوض في كل العوامل التي يمكن أن تؤثر على مصير هذا المنتج الوطني الذي سوف يؤثر على سمعة المملكة في العالم سواء  بنجاحه أو فشله ــ لا سمح الله.   لكي ننجح لابد من محاكاة تجربة الناجحين في هذا المجال، ومن أكثر نجاحا من تويوتا في صناعة السيارات في العالم. هذه الشركة التي استطاعت خلال عقود قليلة أن تكون أكبر شركة ربحية في صناعة السيارات في العالم. يعود تاريخ تويوتا إلى 1918م عندما كانت تقوم بصناعة الأنسجة في عهد ساكيتشي تويودا، ثم غيرت مجالها إلى صناعة السيارات في عام 1930م في عهد كيتشيرو تويودا (ابن ساكيتشي) الذي أوصاه والده قبل وفاته بخدمة صناعة السيارات ...

ترجمة (إمام الحرمين) فضيلة الشيخ/ محمد نور بن إبراهيم بن محمد عبدالله كتبي

فضيلة الشيخ/ محمد نور بن إبراهيم بن محمد عبدالله كتبي 1327 ـــ 1402 هـ*   الولادة: ولد محمد نور كتبي في مدينة مكة المكرمة، بحارة جبل هندي في دار والده الشيخ إبراهيم. وذلك في عام 1327هـ. عائلته: عائلة "آل كتبي" من العوائل العريقة والتي أشتهرت بالعلم والدين. ومعذرة عندما أتحدث عن عائلتي فلن أكون مبالغاً، كما أنه ليس من حقي أن أهضم ذكرهم. فالشيخ محمد نور كتبي – يرحمه الله – هو أخو سيدي الوالد محمد جميل كتبي. وجدي الشيخ العالم الفاضل / إبراهيم محمد عبدالله كتبي فهو من مواليد الهند في زمن الاستعمار الانجليزي وقبل تقسيمها إلى باكستان والهند وسيلان. وولد – يرحمه الله – في بلد (سلطان بور) وذلك في شهر صفر من عام 1275هـ. التابعة في الوقت الحاضر للحكومة الهندية. ولوجود القلاقل والمصادمات بين المسلمين والهنود وعدم استقرار الأمن آنذاك. فقد سمح له والده (عبدالله) بالسفر من الهند لطلب العلم والمعرفة وأن ينهل من العلوم واللغة العربية، ودراسة أصول الفقه للتمشي بالكتاب والسنة من البلدان العربية. وصفه: الشيخ محمد نور كتبي – يرحمه الله – متوسط القامة، أسمر اللون، واسع العينين، نحيل الجس...